سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن
عايشة معايا
أعتدلت فرح شقيقته تنظر إليها من الأسفل إلى الأعلى تنظر إلى الاثنين وكأنها تقول قصر الړعب بانتظار الآخرين من المهرجين
قالت وهي تتقدم سريعا باحترام ولهفة
تحت أمرك يا جبل بيه
أشار إليها بيده المحررة من جيب بنطاله
وريهم اوضهم يرتاحو
ردت تتابع عيناه هي الأخرى باستغراب
في حاجه نتكلم في ايه
هتعرفي وقتها
عن اذنك يا طنط
أومأت إليها بابتسامة لا مثيل لها وكأنها حصلت على كنز غالي كان يصعب الحصول عليه أو يستحيل
اتفضلي يا زينة
خرجت مع ذكية التي سارت بهم إلى
الأعلى لتعرف كل واحده منهم على غرفتها ولكن زينة وقفت في الردهة أمام الغرف وقالت
أومأت إليها وهي تشير إلى الناحية الأخرى
حاضر يا ست هانم تعالي من هنا
سارت خلفها إلى أن وصلت إلى الغرفة التي تريدها لتكن مع ابنتها وشقيقتها فلا تريد ترك كل واحدة في غرفة أخرى بعيد عن عينيها دلفت معهم إلى الداخل واستمعت إلى صوت الخادمة تقول
الشنط هتطلع حالا يا ست هانم
جلست إسراء جوارها ونظرت إلى شقيقتها وتحدثت بقلق وخوف لا تريد كبته داخلها
زينة أنا خاېفة من المكان ده والناس اللي فيه
لقد كانت هي الأخرى خائڤة للغاية ليس من عاداتها أنها المرأة التي تحملت كل الصعاب لكن كثير من المؤشرات لا تقول أن القادم خير خصوصا منه هو ولكنها نفت ذلك حتى لا تشعر الأخرى بالرهبة منذ اليوم الأول
تابعت وهي تنظر إليها باستغراب
بس اللي اسمه جبل ده غريب أوي والحرس دول كلهم ليه وهو ايه المكان اللي عايشين فيه ده طالما غنين كده والناس اللي بره دول عاملين كده ليه
أنتي متعبتيش من الطريق ارتاحي وبعدين نتكلم
والحقيقة المرة هي أن قلبها لا يهدأ عن العبث بها وذلك لا يحدث إلا في الحالات النادرة كالتي يحدث بها الكوارث على أي حال ليس هناك أي حل آخر كان على طريقها ولم تفعله هذا كان أولهم وآخرهم وأفضلهم بالنسبة إلى المواجهة مع الفقر
نظرت إلى سقف الغرفة وتنهدت بقوة يا الله ساعدني في الوصول إلى مبتغاي دون الشعور بالقهر مرة أخرى ودون الشعور بالذل والكسرة دون الشعور بالفقد والفراق وحړقة الاشتياق ولوعته
بعد بضع ساعات نالت بهم بعض من الراحة بعد رحلة شاقة طويلة كهذه وحرب ضارية بينها وبين نفسها المعارضة إياها دائما استيقظت من نوم كان عميق دلفت به دون تعب بدلت ملابسها إلى أخرى غير تلك التي أصبحت مليئة برائحة الإرهاق وبدى عليها أنها متسخة بملابس أخرى مثلها محتشمة مكونه من بنطال أسود وتيشرت رصاصي اللون ولأن أهل البيت كلهم محتشمون وملابسهم غير ملابسها هي وشقيقتها حاولت أن تكون مثلهم ولا تظهر شيء منها بالأخص في وجود ذلك الجبل الصلب الذي وقف أمامها شامخا
الدرج قابلتها ذكية التي تحدثت قائلة بعد أن أبصرتها
كنت طالعة ليكي يا ست هانم جبل بيه مستنيكي في الصالون
دققت النظر بها ورأسها به ألف وألف سؤال عن ما الذي يريده منها! أومأت إليها وهبطت بهدوء متجهة إليه
ولجت إلى الغرفة وهو جالس كما رأته أول مرة تقدمت وعينيها لا تستطيع الإبتعاد عن خاصتيه المخيفة الثابتة وكأنه يجبرها على النظر إليه لتعرف إلى أين أتت
جلست أمامه ثم خرج صوتها الذي رفعته ليظهر واضح وواثق
نعم يا جبل بيه
تقدم للأمام في جلسته اتكأ بيده الاثنين على قدميه ورفع عينيه إليها بجمود وحدة يرسل إليها قال بصوت حاد جامد خرج بخشونة من فمه
وصلتي الجزيرة إزاي
أجابته ببساطة وهي تشير بيدها بعفوية
بصراحة الوصول كان صعب أوي يعني مش
هكدب عليك المرة اللي جيت فيها هنا كانت
بالطيارة
تثير شكوكه كيف لواحدة كهذه تستطيع الوصول إلى جزيرته بكل هذه السهولة إذا ماذا عن البقية من أفراد الشرطة! كرر سؤاله مرة أخرى بوضوح
وصلتي الجزيرة إزاي
ابتلعت ما بجوفها وهي تنظر إلى عينيه المخيفة بذلك اللون الأخضر الغريب فقالت سريعا
ده واحد صاحب يونس الله يرحمه هو اللي دلني على الطريق بعد ما كنت تعبت ومش عارفه أوصل
وكأنه يجلس في مكتب ضابط شرطة وهي المتهمة تحت يديه بدأ معها تحقيق ومن هنا إلى هنا يكتب سؤال وجواب
اسمه ايه
أردفت باستغراب جلي ما السبب وراء كل هذه الأسئلة الغريبة
عماد ابراهيم
أومأ إليها بعد أن علم هويته نظر إلى الأرضية ثم مرة أخرى إليها بجمود أكثر وحدة ترهبها أكثر من السابق تسائل بجدية وبرود
جيتك هنا غريبة جاية ليه
هل تجيبه الآن! تتحدث عن السبب وراء قدومها إلى هنا إنه قام بسؤالها إذا عليها الإجابة أليس كذلك!
ما كانت إلا تتحدث ودخلت والدته وجيدة والإبتسامة على وجهها بالرغم من أن ملامح وجهها حادة للغاية ومخيفة بعض الشيء جلست وهي تقول بجدية وهدوء
متعرفيش أنا
فرحانه قد ايه أنكم معانا هنا يا زينة
ابتسمت إليها محاولة أن تخفف من حدة توترها بسبب ذلك المتخلف عقليا الذي تجلس معه وأجابتها بإحترام وهدوء
تسلمي يا طنط
وجدت صوته الحاد يخترق أذنها كالرياح الهادفة التي تأتي بصفير حاد في الأذن يكرر عليها
مجاوبتيش عليا
أبعدت نظرها إليه ثم إليها مرة أخرى وعادوت فعلها ضغطت على يدها بالآخرى وتفوهت بالكلمات بجدية
بصراحة أنا جاية أخد حقي أنا ووعد بنتي في يونس
وجدت الاثنان ينظرون إليها دون حديث هو ملامحه جامدة لا تستطيع أن تفهم منها شيء وعيونه الخضراء ترعبها ربما كل هذا لأنها اقتربت منه بعض الشيء فهي ليست بهذا الجبن والأخرى تحولت ابتسامتها إلى بؤس وأظهرت ملامحها المخيفة لتبقى جالسة بين فردين ترهبهم
تابعت محاولة تبرير طلبها لحقها في زوجها
العيشة في دبي صعبة وعد ليها مدرسة وعندنا مصاريف وأنا عليا مسؤولية أنا حاولت ألاقي شغل بس مقدرتش لأني معايش شهادة تشغلني هناك حتى الشركة اللي كان فيها يونس مأخدناش منها حاجه أنا مش طمعانه غير في حقنا وبس
وجدتهم صامتين هم الاثنين بعد كل هذا الحديث الذي قالته لتأخذ حقها هي وابنتها منهم من المفترض أن لا تتحدث من الأساس فقط تطالب بما لها تابعتهم باستغراب ولم تعد تعرف ما الذي من المفترض قوله بعد الآن
هو كان داخل رأسه حساب آخر لكل ما تقوله أيعقل هي هنا فقط لتأخذ مالها!
ابتسمت إليها وقد انزاح عن قلبها هم كبير كانت تواجهه كل ليلة بمفردها خوفا من عدم قبول طلبها بعد الوصول إلى هنا وتعود مرة أخرى إلى الفقر والدين من الأشخاص هناك
بينما الأخرى كان داخل رأسها شيء آخر تماما غير الذي هتفت به إليها عاجلا وغير أجلا ستتعرف عليه وتقوم بالموافقة به سوى كان بالڠصب أو بالرضا
وقفت وجيدة ومازالت مبتسمة أشارت إليها قائلة
قومي هاتي وعد وأختك علشان نتعشى يلا
أومأت إليها ثم وقفت على قدميها وسارت خارجة من الغرفة تحمد ربها أن الأمر تم بسلام وستأخذ مالها وتعود من حيث أتت إلى حياتها هي وابنتها إلى الآن لا تعلم ما الذي يخفيه القدر داخل جزيرة تسمى بجزيرة العامري وهي داخل هذه العائلة
قابلت في طريقها فرح شقيقة زوجها فوقفت قائلة إليها بابتسامة ساخرة
لسه زي ما أنتي يا فرح أنتي حتى شوفتيني لما جيت مسلمتيش عليا
سخرت الأخرى مبتسمة مثلها وأجابت
هسلم على الملكة كليوباترا يعني يا زينة
ربتت زينة على ذراعها فهي تبدو كما هي فتاة غريبة متكبرة وترى نفسها فوق الجميع
على رأيك
مرت من جانبها وتركتها تقف في الطريق تستدير لتنظر إليها وهي تصعد على الدرج بنظرة ساخرة متهكمة عليها ولكن الأخرى لم تبالي هي الآن في قمة سعادتها المؤقتة
محاولة الوصول إلى كل شيء إما أن تكون فاشلة إما أن تكون ناجحة ولكن عليك توخي الحذر من العدو قد تكون تسبقه بخطوات وهو في الخلف يغير خطته
كان يجلس على مقعد مكتبه والهاتف على أذنه يستمع إلى الكلمات التي تلقى عليه والشرر يخرج
من عينيه السوداء وأنفه الحاد يتسع ويضيق بسبب تنفسه الغير منتظم الذي ينم عن
التعليمات دي مش عليا أنا مش هسيبه يحكم البلد وياكل الجو
ضړب على زجاج باب الشرفة وهو يسير بعصبية والڠضب يتملكه
أجاب بعد الاستماع للكلمات بعصبية شديدة
وأنا مش موافق أنا أحق من جبل أنا بسحب منهم كتير بيتوزع ولا لأ ميخصش حد المهم إني بسحب
جلس وهو يحاول التحدث بهدوء وأخذه في صفه
جبل لولا أهل الجزيرة مكنش وصل للي هو فيه ده ومسيرهم يقلبوا عليه ويعرفوا الخطړ اللي هو محاوطهم بيه
تنفس بعمق وأغمض عيناه يضغط على الهاتف بيده
يعني ده آخر كلام عندك
مرة أخرى أردف بنفاذ صبر وضيق شديد
وأنا مش موافق والبلد مش هتشيلنا إحنا الاتنين هتشيلني لوحدي
ثم أغلق الخط بوجهه
وألقى الهاتف على الأريكة جواره صمد قليلا ثم ضړب الطاولة بقدمه
بعصبية شديدة وقهر من جبل العامري وما يفعله صارخا باسمه پعنف وصوت عالي
جبل
وقف على قدميه ينظر إلى الفراغ قائلا بتوعد وكره
مش هسيبك يا جبل مش هسيبك
في المساء
احتجزت وجيدة الفتاة الصغيرة وعد معها منذ تناول العشاء وهي جليسة المكان الذي تكون به لأ تريد الإبتعاد عنها نهائيا بل بقيت تنظر إليها كما أنها لو ترى ابنها الراحل هو الذي أمامها وتنتقل
اردفت بسعادة وهي ترفعها على قدميها
تعالي هنا بقى أنا مش هسيبك خالص
تحدثت الصغيرة بحب وهي تنظر إليها بعيون بريئة
أنا حبيتك أوي يا تيته ومش عايزة اسيبك
اتسعت ابتسامة وجيدة وأصبحت من الأذن إلى الأخرى ورفرف قلبها فرحا بحديث حفيدتها
جلست على قدميها معتدلة ونظرت إليها وتفوهت بالكلمات من بين شفتيها بحماس
بجد
أومات الأخرى إليها سريعا تؤكد محركة رأسها من الاعلى إلى الأسفل
طبعا مش هسيبك تمشي خلاص
وضعت الصغيرة إصبعها إلى جانب فمها تفكر قائلة بطريقة طفولية
طب والمدرسة يا تيته
اتسعت عينيها وهي تحل مشكلتها الكبيرة قائلة بحماس وحب كبير يظهر في كل لمسة وكلمة تخرج منها إلى الطفلة
هنحول لمدرسة هنا في الجزيرة
سألتها وعد بتركيز
فيها pool وملعب كبير علشان الرياضة اللي بتعلمها
حركت رأسها بعدم فهم وضيقت عينيها متسائلة بجدية ناظرة إليها
يعني ايه بول ده
أجابتها بهدوء ورقة وهي تبتسم بطفولية
يعني حمام سباحة
أكملت حديثها إلى جدتها وهي تشير بيدها الاثنين تشرح إليها أكثر
حوض كبير أوي