الجمعة 27 ديسمبر 2024

روايه بقلم نونا المصري

انت في الصفحة 1 من 40 صفحات

موقع أيام نيوز

تبدأ القصة عندما تخرج تلك الفتاة الجميلة البريئة من ذلك المنزل الضخم في تمام الساعة الخامسة فجرا وهي تبكي بحړقة وتضغط بقبضتها على تلك الحقيبة السوداء التي كانت تحملها بين يديها وقبل ان تبتعد عن حدود المنزل التفتت اليه حيث كان واقفا ينظر اليها من خلف نافذة غرفته البلورية وهو ويمسك بيده كأس مشروب كحولي يرتشف منه بضع رشفات بهدوء ممېت الامر الذي جعل ڠضبها يزداد لذا ضغطت على الحقيبة التي بيدها بكل قوة وقالت بنبرة صوت مچروحة واطي 

قال ذلك ثم هب واقفا بكل وقار وبعدها دلف الى حمام غرفته ونظرت من نافذة السيارة لتجد انها وصلت الى المستشفى بالفعل تنهدت وسألت السائق تؤمر بأيه يا اسطه 
اجابها خمسين جنيه يا هانم 
فلم تعلق بأي حرف بل فتحت تلك الحقيبة التي كانت تمسك بها طوال الطريق الامر الذي ادهش سائق الأجرة عندما رأى رزم النقود بداخلها أبتلع ريقه وهو ينظر اليها بعيون مفتوحة وهي تمسك بأحدى الرزم النقدية وتسحب منها ورقة نقدية من فئة ال 200 جنيه وسرعان ما اعطته ايهاها قائلة مامعيش فكه علشان كدا تقدر تخلي الباقي 
قالت ذلك ثم اغلقت الحقيبة مجددا وترجلت من سيارة الأجرة تاركة ذلك الرجل يحدق بها بدهشة وهو يحمل ورقة النقود بيده فتساءل بتعجب دي سړقت بنك ولا ايه حكايتها بالزبط !
ولكن سرعان ما نظر إلى ورقة النقود التي اعطته اياها وابتسم قائلا وانا مالي المهم اني كسبت 150 جنيه كدا من غير معملش حاجة 
قال ذلك ثم وضع النقود في جيب سترته وبعدها شغل محرك السيارة وهم بالمغادرة اما هي فركضت الى داخل المستشفى والى قسم الطوارئ بالتحديد حيث كانت غرفة العناية المركزة التي ترقد بها اختها الصغرى ذات ال 12 عاما والتي كانت بحاجة لأجراء عملية زرع قلب جديد بأسرع ما يمكن 
توجهت نحو مكتب الأستقبال وقالت وهي تلهث انا انا جبت الفلوس يلا دخلوا مرام غرفة العمليات بسرعة 
فنظرت اليها موظفة الاستقبال الخاصة بقسم الطوارئ بتوتر شديد وقالت بتلعثم انا انا هطلب من الدكتور عماد علشان يجي يكلمك 
أومأت لها برأسها وهي ما تزال تلهث قائلة طيب بس من فضلك خليه يجي بسرعة 
فلم ترد عليها الموظفة بل امسكت المايك واخذت تقول دكتور عماد شحاته من فضلك تعالى على قسم الطوارئ دلوقتي 
وما هي الا دقيقة قد مرت حتى جاء ذلك الطبيب الذي يرتدي نظارات طبية ويبدو انه في الاربعين من عمره حيث كان شعره خفيفا ويكاد ان يصبح اصلع بينما
كان جسده ممتلئا قليلا وما ان رأته حتى ركضت نحوه وهي تمسك الحقيبة ثم قالت بلهفة انا انا جبت الفلوس يا دكتور وهدفعهم حالا علشان تعملوا العملية لأختي الصغيرة 
في تلك اللحظة تغيرت تعابير وجه الطبيب عندما رآها مما جعله يعدل وضع نظارته الطبية ثم تنهد وقال بكل هدوء خلاص مفيش داعي انك تدفعي الفلوس 
رمشت هي عدة مرات ثم سألته بعدم فهم قصدك ايه يا دكتور 
واضافت بقلق ازاي مفيش داعي اني ادفع فلوس عملية اختي مش انتوا اللي قلتوا انكوا متقدروش تعملوا العملية قبل ما ادفع فاتورة العلاج اللي هي 300000 جنيه !
تنهد الطبيب واجاب البقية في حياتك وشدي حيلك 
وبعد ان سمعت ذلك سقطت الحقيبة الجلدية من يدها على الأرض واخذت تحدق به بتعابير غريبة لم يستطيع ان يفهم معناها ثم قالت بعصبية انت كداب ايوا انت بتكدب عليا علشان انتوا مش عايزين تعملوا العملية لاختي بس انا هطلعها من هنا وهوديها مستشفى تاني احسن من دا بكتير 
قالت ذلك ثم ركضت باقصى
سرعتها الى غرفة العناية المركزة التي كانت تنام فيها اختها فلحق بها الطبيب عماد وهو يقول استني يا أنسه مريم مينفعش تعملي كدا 
ولكنها لم تستمع اليه بل اتجهت إلى حيث كانت الغرفة وسرعان ما صدمت عندما لم تجد اختها في السرير فصړخت بالطبيب قائلة فين مرام انتوا ازاي تخرجوها من غير اذني 
وبينما كانت تصرخ نظر اليها بعض الاشخاص الذين كانوا متواجدين في ذلك القسم ومنهم صديقتها الحمېمة ألهام أمين التي كانت جالسه على الكرسي بصمت ويبدو عليها انها بكت كثيرا وعندما سمعت صړاخها نهضت من مكانها بسرعة ثم ركضت نحوها وهي تبكي قائلة كنتي فين يا مريم انا اتصلت عليكي كتير اوي بس الموبايل بتاعك مقفول قوليلي رحتي فين 
فنظرت مريم اليها وسألتها پبكاء اختي فين يا الهام هما عملوا فيها ايه 
في تلك اللحظة اڼفجرت مريم باكية واخذت تصرخ قائلة لااااااء انتوا بتكدبوا كلكوا كدابين مرام لسه عايشه انا مش هصدق اللي بتقولوه دا ابدا 
ولكن المسكينة لم تتوقف عن البكاء الا عندما وقعت على الارض فاقدة للوعي كيف لن تفقد وعيها وهي التي ضحت بنفسها وروحها لذلك الرجل المليونير فقط لكي تستطيع ان تنقذ اختها التي كانت ټصارع المۏت ولكنها لم تكن تتوقع ان حبل المنية المۏت سيأتي ويزور اختها مبكرا جدا ويأخذها معه في تلك الرحلة الأبدية هي حتى لم تستطيع ان تنسى كيف ماټ والدها عندما كانت في سن الثامنة عشر لتتبعه امها التي ټوفيت منذ سنة تقريبا جراء حاډث دهس وها هي الان تفقد اختها الوحيدة بسبب المړض كثير والله كثير لكي تتحمل كل هذا العڈاب وهي ما تزال في الواحد والعشرين من عمرها 
عودة في الزمن قبل ثلاث سنوات 
كانت مريم فتاة في سن الثامنة عشر وكانت تعيش حياة سعيدة مع عائلتها المكونة من والدها مراد موظف في شركة الكهرباء وامها سعاد التي هي ربة منزل وشقيقتها الصغرى مرام كانوا عائلة متوسطة الحال ليسوا فقراء وليسوا اغنياء فقط كانوا من الطبقة المتوسطة في المجتمع وبالرغم من ذلك كانت حياتهم سعيدة والدها كان يحبهم كثيرا ولا يجعل اي شيء ينقصها هي واختها وامها بالرغم من مرتبه الذي بالكاد كان يكفي لدفع مصاريف المدرسة وفواتير الكهرباء والماء وغيرها وكان يحضر لهن كل ما يطلبنه طعام شهي ملابس جميلة ويعطيهن مصروف المدرسة كل يوم 
ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان حيث ان السيد مراد تعرض لحاډث في العمل عندما ارسلته الشركة التي يعمل بها الى احدى الاحياء الشعبية لكي يصلح عمود الكهرباء وعندما امسك الكابيل الرئيسي الذي كان غطائه البلاستكي متلف وعليه بضع قطرات من الندى تعرض للصعق بالكهرباء بقوة تزيد عن ال واط مما اسفر عن مۏته فورا 
صعقټ السيدة سعاد عندما سمعت الخبر وان زوجها الذي تحبه كثيرا قد ماټ وشعرت بأن روحها التي ماټت اما ابنتيها مريم ومرام فسيطر عليهن الحزن لأن الصغيرة قد اصبحت يتيمة الاب وهي ما تزال في سن التاسعة بينما الكبيرة كادت ان تفقد عقلها لان والدها الذي تحبه قد تركها وهي في مرحلة حساسة من العمر حيث انها كانت
تحتاج من يوجهها ويعلمها التفرقة بين الصح والخطأ ولكنه ماټ وتركها مع ام مكسور خاطرها واخت صغيرة تعاني من ضعف في القلب لازمها منذ ان ولدت 
اما شركة الكهرباء فتحملوا مسؤولية ما حدث للسيد مراد لانهم هم من ارسله لكي يصلح عمود الكهرباء لذا قرروا ان يعطوا عائلته مبلغا من المال تعويضا لما حدث قيمته 150000 جنيه يصحبه اعتذار رسمي ولكن ما فائدة المال حين يخسر المرء شخصا عزيزا على قلبه 
ولكنهن كن بحاجة للمال فالسيدة سعاد اصابها الاكتئاب بعد مۏت زوجها فتوجب على ابنتها مريم العمل عوضا عنها لكي تعيل العائلة ولكن ماذا تستطيع تلك الفتاة ذات الثامنة عشر عاما ان تفعل كما انها كانت في الصف الثاني عشر وموعد تخرجها من المدرسة قد اقترب 
بحثت كثيرا حتى وجدت عملا لطيفا في احدى
مقاهي الانترنت ب دوام جزئي بعد ان تعود من المدرسة وبالفعل بدأت العمل في ذلك المقهى هي وصديتها المقربة الهام أمين التي لم تكن تستطيع الأبتعاد عنها ابدا وخلال فترة عملهن هناك بدأن يحببن عالم الحاسوب و الأنترنت وعالم البرمجة والتطبيقات التكنولوجية لذا حسمن امرهن بأن يدخلن الى كلية علوم الحاسوب والتكنولوجيا التقنية عندما يتخرجن من المدرسة الثانوية 
بعد مرور سنتين 
اصبحت مريم في سن العشرين ودخلت إلى كلية التكنولوجيا مع صديقتها الهام امين بالفعل كما انهن استمررن في العمل بمقهى الأنترنت كدوام جزئي وقررن ترك العمل عندما يتخرجن من الكلية لكي يذهبن ويعملن في احدى الشركات التقنية المتطورة حيث ان علاماتهن كانت ممتازة كما لو انهن خلقن ليصبحن جزء من عالم التكنولوجيا 
ومرت الايام والشهور بسرعة حتى جاء اليوم الذي ستتخرج فيه مريم والهام من كلية التكنولوجيا وهندسة التقنيات فكانت فرحتهن لا توصف وخصوصا مريم التي نالت شهادة تقدير على علاماتها الجيدة فهي بالرغم من كل المصاعب المادية التي واجهتها في دفع اقساط الجامعة الا انها كانت من العشر الأوائل في الكلية كلها 
ستقولون كيف واجهتها مصاعب ماديه وامها تركت لها حرية التصرف
بمبلغ التعويض الذي
حصلن عليه من
شركة الكهرباء عندما ټوفي والدها لذا سأخبركم بأن المبلغ لم يكن بالمبلغ الكبير جدا فقط مئة وخمسون الف جنيه وبالكاد استطاعت ان تنهي سنتها الثانية بدفع هذا المبلغ كما انها استعملت قسم من مرتبها الذي كانت تحصل عليه من عملها في مقهى الانترنت لدفع اقساط السنة الاخيرة ولهذا السبب كانت تعمل في المقهى لساعات اضافية دون ان تأخذ يوم اجازة واحد حتى في ايام المړض فقط لكي تستطيع دفع اقساط السنة الثالثة من تعليمها وتوفير بعض النقود لمصاريف مدرسة اختها ودفع فواتير الكهرباء والماء وغيرها 
وبعد ان تخرجت مرفوعة الرأس علشان نلاقي شغل في شركة محترمة والا كل تعبنا هيضيع 
الهام وهنعمل ايه يا ميمي 
فأخذت مريم تفكر بحل ولكنها لم تفلح لذا تنهدت ثم اردفت باستسلام معرفش 
الهام كويس اننا لسه مسبناش الشغل في ال Internet cafe والا كنا هنبقى في مشكلة 
مريم عندك حق يلا خلينا نرجع لان عندنا شغل كتير اوي 
الهام ماشي 
ثم ذهبن الى عملهن 
وما هي الا ساعات قد مرت حتى حل الظلام فعادت كل واحدة الى منزلها دخلت مريم المنزل ووقفت تخلع حذائها امام الباب قائلة بصوت عال لكي تسمعها امها انا جيت 
في تلك اللحظة ابتسمت امها التي كانت في المطبخ تعد العشاء اما اختها مرام فكانت جالسة في غرفة المعيشة تذاكر
دروسها المدرسية فهي كانت في الصف السابع آن ذاك وعندما رأت اختها قالت جيتي في وقتك يا مريم 
فابتسمت مريم وسالتها ليه في حاجة
مرام تعالي ساعديني انا مش فاهمة ازي احل مسألة الرياضيات المقرفة دي 
فوضعت مريم حقيبتها جانبا ثم اقتربت منها وجلست على الأرض بجانبها قائلة
ايه اللي مش
 

 

انت في الصفحة 1 من 40 صفحات