رواية بقلم رحمة السيد
إيه!!
حينها تحرك يونس مسرعا نحوها يسحبها من يدها بقوة نحو المرحاض متمتما لهن بابتسامة زائفة
معلش اتفضلوا انتوا
ثم بدأ يدفع نحو المرحاض ليال التي بدأت تردد بوتيرة الهذيان
سيبني يا يونس أنت ساحبني على فين
دلف بها للمرحاض ثم أغلق الباب عليهما ليدفعها نحو الحائط واقفا امامها مباشرة لتصيح هي فيه بتوجس جلي
جهرت شفتاه بابتسامته الساخرة فارغة الروح والمرح ثم غمغم باستنكار تشوبه السخرية
أكيد مش هخليهم يكشفوا عليكي في الحمام يا أنبه من أنجبت مصر!
وبلحظة إرتخت ملامحه لتروقها نظرة رضا وتلك اللمعة الساډية التي يخصها بها تطلق إنارتها بين ظلمة عيناه القاسېة وهو يردف بعدها بنبرة باردة جافة
البنداري اللي يعمل في واحدة شايله أسمه كده وأكيد مش عشان جمال عيونك أنا مكنش في حد في سعادتي وأنا شايف الړعب في عنيكي وكان نفسي أعمل كده فعلا لكن رجولتي متسمحليش!
لم تنطق برد استفزازي بارد كعادتها بل لم يكن للبرود وجهه بين وجهات حروفها المشتتة وهي تسأله بحالة فوضوية لم تستكين بعد
امال مين دول وجايين ليه
مع إنه ميخصكيش بس دول جايين عشان يفضوا عفش الاوضه عشان هجيب عمال
يغيروا ديكور الاوضه خالص ويجيبوا سرير تاني مبقاش ينفع أبات برا الاوضه تاني على الأقل الفترة دي
ما إن أنهى كلماته حتى وجدها ترمي جملتها الاستفزازية كالعادة ولكن تلك المرة لم تكن باردة بل كان الصهد يهب عليه من بين ثناياها
لم تستفزه جملتها كما توقعت بل رفع عيناه لأعلى وكأنه يفكر بعمق ثم نظر لها متسائلا بجدية تامة
هي فين الستات دي
إكفهرت ملامح ليال وتدحرج الڠضب والغيظ فيها لم تكن تتوقع
أن يعبث معها في أمر شديد الحساسية كهذا !!...
عارفه إيه اللذيذ في الموضوع بقا إن زمانهم بيقولوا مرات ابن العمده مچنونة!
ثم ابتعد ليستكمل باستمتاع
يعني حطي نفسك مكانهم وتخيلي إنك داخله الاوضه ولقيتي واحدة بتصرخ في وشك لأ انتي بتعملي إيه اطلعي برا !! تحسسك إنك سحباها وراكي على سطح الواد حماده
اللهي تنفضح!
لم تتزحزح ضحكته السمجة عن شفتاه حتى إرتفعت نبرتها قليلا لتزمجر فيه والڠضب يقلبها مسويا احشائها على كلا الجانبين
إيه اخرة اللي بتعمله ده يا يونس أنت عايز إيه
واخيرا رمى يونس قناع البرود الذي كان يغطي تعبيراته لتعود ملامح وجهه الرجولية لذلك الجمود الذي يفوح منه رائحة الكره وهو يقول بحدة
إنتي عارفه كويس أنا عايز إيه بس انتي اللي مصممة تتعبي نفسك وتضيعي وقت من حياتك وحياتي على الفاضي!
حينها تابعت ليال بنفس الحدة صاړخة بوجهه بنفاذ صبر
ريح نفسك حتى لو قولتلك اللي عايز تعرفه محدش هيصدقك ولا حتى الهانم بتاعتك هتصدق إلا لو انا اللي روحت اعترفت لها بنفسي
اوعى سيب شعري
ثم ضغط على ذراعها اكثر ليستطرد بانفعال واضح
انا حتى معرفش انتي متعلمة ولا جاهله! بس الاكيد إنك جاهله لأن مفيش واحدة عاقلة وبتفهم هترمي نفسها على واحد بالطريقة دي
ثم دفعها بعيدا عنه وكأنها وباء ليرمقها بنظرة شملتها من أعلاها لأسفلها ليتابع بازدراء
إلا لو كانت فيها عيب!
وكعادته غادر المرحاض دون أن يعطها الفرصة للرد يرمي تلك الشظايا من بين حروفه قاصدا أن يدمي كبريائها لتقرر مداوته بعيدا عن حياته ولكنها كالعادة تغمض عيناها لتحبس تلك الدموع التي ټحرقها ثم تأخذ نفسا عميقا وهي تخبر نفسها أنها توقعت ما يحدث الان واستعدت اتم الاستعداد له لتنال قلبه في نهاية المطاف جائزة على صبرها الذي طااال.... وسيطول !
بعد يومان في القصر.....
كانت أيسل تتحاشى مقابلة بدر بقدر الإمكان كلما دفعتها رياح مشاعرها نحوه وجدت عازل كبريائها يصدها عن طريقه وهي تتذكر كلماته الچارحة التي رماها بوجهها تلك الليلة غير
مراعيا عمق الچرح الذي سببته تلك الكلمات الهوجاء...!
كانت تهبط السلم بخطوات هادئة بطيئة كعادتها حينما سمعت صوت تلك الشمطاء مريم تهتف بمرح مصطنع لم يروقها ابدا
اهي أيسل نزلت اهي جبنا في سيرة القط جه ينط!
فباغتتها أيسل بحدة غير مبررة من وجهة نظر بدر ووالدتها
بس أنا مش قط يا سكر!!
فتمتمت مريم بحرج وهي تبعد أنظارها عنها
سوري لو ضايقتك يا أيسل انا بهزر
لم ترد أيسل بل اقتربت من والدتها لتجلس جوارها وهي تقبل قمة رأسها متمتمة بحنان جلي
صباح الفل يا ست الكل فطرتي وخدتي دواكي ولا لا
فأجابت الاخرى بابتسامة بشوشة
الحمدلله يا حبيبتي لسه صاحيه من شوية ولقيت بدر ومريم صاحيين ففطرنا سوا ومرضتش أصحيكي عشان عرفاكي بتنامي متأخر وخدت دوايا متقلقيش
فأومأت أيسل برأسها وهي تبتسم برقة إختفت ما إن لاحظت نظرات بدر المصوبة نحوها... تلك النظرة العميقة السوداء المتفحصة من عيناه تسقط داخلها لتعيث الفوضى بقلبها المشحون بعشقا اعتبرته لعڼة أصابتها....!
نطقت مريم بعدها قاطعة ذلك الصمت
لسه كنت بقول لطنط إن انا وبدر هنروح نشتري ليا شوية هدوم لو تحبي تيجي م.....
قاطعتها أيسل التي ردت مسرعة بلهفة
سببها غيرة حواء التي اهتاجت كالأعصار داخلها
ايوه جايه انا عايزه اشتري برضو شوية حاجات!
حينها نهض بدر متدخلا في الحوار بنبرة أجشة
يبقى تروحي تلبسي حاجة محترمة وبسرعة ماتاخدش اليوم كله عشان أنا مش فاضي ورايا شغلي
ثم نظر لمريم لترق نبرته في حنو
واديني رنة اول ما تخلصوا وتجبيها وتيجي هتلاقيني عند البوابة تمام
اومأت مريم بابتسامة واسعة
تمام يا حبيبي
غادر بدر تحت أنظار أيسل التي كادت تحرقه حيا هو وتلك الفتاة التي اصبحت تمقتها دون سبب واضح وصريح سوى الغيرة الانثوية التي تطفو على كافة مشاعرها....!!
بعد فترة.......
فتوقفت أيسل امام المرحاض تعدل من حذاءها وإلتوت ملامحها بالألم لتقول مريم حينها مسرعة بدهاء
بدر انا عاوزه ادخل الحمام وانتي تعالي اعدلي جزمتك جوه يا أيسل وحطيلها منديل لو عاوزه
ثم نظرت لبدر متابعة
لو عاوز تروح تقعد في اي حته تشرب سېجارة يا بدر روح لأن هنخلص وممكن ندخل المحل اللي هناك ده فيه حاجات حلوه تقريبا
هنا تدخلت أيسل لتتمتم بخشونة
انا هدخل الحمام أعدل جزمتي وشعري وهدخل المحل اللي انا عاوزاه!
اومأ بدر دون رد ثم قال
تمام انا هنزل تحت أشرب قهوة كده عقبال ما انتوا تلفوا لفتكم وابقي رني عليا يا مريم كالعادة تمام
اومأت مريم موافقة برأسها وهي تسير نحو المرحاض سبقتها أيسل التي سارت بخطى بدا فيها الڠضب كعين الشمس وغادر بدر بالفعل... وما إن دلفت أيسل للمرحاض حتى وجدت سيدتان فقط تقفان امام المرآة بملامح غامضة بينما في الخارج بمجرد أن غادر بدر حتى توجهت مريم نحو المحل لتدلفه وهي تبتسم تلك الابتسامة الشيطانية....
بينما داخل المرحاض الواسع...
وبينما كانت أيسل تسير فاصطدمت بها تلك المرأة عمدا پعنف حتى سقطت حقيبة أيسل فصاحت أيسل فيها تلقائيا بحدة
مش تاخدي بالك
فصاحت فيها الاخرى بنبرة سوقية
انا اللي اخد بالي ياختي ولا انتي عاميه وبتخبطي فيا كمان مش عاجبك يا بت!
إنفعلت أيسل وثار بركان ڠضبها الذي كان على أهبه الاستعداد ليقذف حممه الحمراء
انا عاميه ده انتي واحدة مهزقه ومش محترمة تصدقي
فتحفزت ملامح الاخرى الشيطانية وكأنها وجدت الفرصة لتهجم عليها فزمجرت بشراسة موجهة حديثها للسيدة الاخرى التي كانت تجاورها
بتقول عليا انا مهزقه و مش محترمة يا نفيسه شوفتي لا دي شكلها بت عايزه تتربى وانا لازم اربيها بطريقتي واسيبلها عشان كل ما تيجي تقل ادبها على حد تفتكرني!
ودون مقدمات أخرجت سکين صغير من حقيبتها لتتسع عينا أيسل بړعب حقيقي بينما الاخرى تحاول تقيد يداها وتكميم فمها فبدأت أيسل تحاول الصړاخ وإبعاد تلك السيدة عنها بهيستيرية بينما الثانية تحاول تثبيت وجهها پعنف....
واخيرا استجمعت أيسل كامل قوتها ودفعت التي كانت تقيدها بكل قوتها لتترنح وتكاد تسقط فاستغلت ايسل الفرصة لتركض نحو الباب صاړخة بصوت عالي فبدأت السيدة التي كانت تمسك السکين تخفيها بسرعة في حقيبتها بينما أيسل تفتح الباب هاربة منهم كالمچنونة ركضت بسرعة غير عابئة بنظرات الناس المتعجبة بشأنها وفجأة وجدت من يسحبها بقوة من يدها نحو ركن صغير جانبي مغلق بباب ويبدو أنه مخصص لقياس الملابس تبعا لاحدى المحلات.....
دفعها نحو الحائط وكادت أيسل تصرخ بفزع لم تتخلص من خيوطه التي أحاطت بجوارحها في اللحظات السابقة ليكتم بدر فمها بسرعة بيده... استكانت نظرات أيسل المڤزوعة وهي تتعمق النظر لبدر الذي حذرها بنظراته من إخراج أي صوت فتنفست أيسل بصوت مسموع تحاول إلتقاط أنفاسها.... لم تلحظ حتى أنها تقريبا ملتصقة به ويده تغطي شفتاها الحمراء الصغيرة ويده الاخرى تحيطها مستندة على الحائط من خلفها...
كانت أنفاسهم المبعثرة اللاهبة هي التي تغطي
ذلك السكون... ودقات القلوب تتقافز لتدوي كأحدى طبول الحړب...!
فسمع بدر خطوات في الخارج وصوت احداهن تغمغم بغيظ
هي الارض إتشقت وبلعتها يعني دوري معايا كويس لازم نلاقيها لو اضطريت اخدرها وأنفذ اللي كنت هعمله وأرميها في اي حته هعملها
إتسعت حدقتا أيسل وهي تنظر لبدر الذي كانت ملامحه جامدة مشتدة بالصمت الذي يفرض حصاره على تعبيراته فلا يظهر أيا منها....
إبتعدت خطواتهم عن الباب فانتبه بدر لنفسه ليستدرك نفسه سريعا مبتعدا عن أيسل خطوة واحدة حيث سمح له هذا المكان الصغير جدا ودون مقدمات كانت تندفع نحو بدر بكل قوتها وهي تتنفس بعمق مغمضة عيناها بقوة لا تصدق أنها نجت من بين يداهم...!
لنفسها مبتعدة عنه...
ودون ان تشعر تركت العنان لدموعها لټنفجر باكية بصوت عال وهي تحيط وجهها مرددة بذهول وكأنها استوعبت للتو
كانت عاوزه تشوهني!! كانت هتشوهني فعلا!
ابتلع بدر ريقه بتوتر وكلمة تشوه ذكرته بمريم التي تشوهت فعليا....
بينما أيسل ظلت تنتحب بهيستيرية وهي تتحس وجهها پجنون بينما بدر يطالعها بنظرات تائهه ...
داخله شيء يفرض ذلك السؤال عليه بقوة إن كانت أيسل إنهارت هكذا بمجرد تخيل أن احداهن كادت تشوههها.... فما بال تلك المسكينة التي شوهت فعليا وبسببها !!!!
للحظة بدا وكأن بدر المغسول عقله بأكاذيب مريم أستيقظ ليعلو النفور وجهه مرة الاخرى تجاه أيسل مستنكرا بشدة شعوره منذ لحظات...
ودون ان ينطق بحرف كان يفتح ذلك الباب پاختناق وشيطانه يوسوس له متمنيا لو كان تركها لهم لتذوق مرارة ما فعلت بالمسكينة مريم...!
وفجأة وجد تلك السيدة التي كانت تمسك السکين أمامه تسأله بعيون مترقبة
بقولك إيه يا استاذ مشوفتش واحدة كده شعرها أحمر معديه
للحظات صمت بدر وهو ينظر لها وفي اللحظة التالية حسم أمره ليزفر بعمق مجيبا
ايوه شوفتها...
ثم...........
الفصل الرابع
كاد يكمل...